المحاسبة على أساس الاستحقاق مقابل المحاسبة على أساس النقد: ما الفرق؟

المحاسبة الاستحقاقية مقابل المحاسبة النقدية: نظرة عامة

يكمن الفرق الرئيسي بين المحاسبة على أساس الاستحقاق والمحاسبة على أساس النقد في توقيت الاعتراف بــ الإيرادات و المصروفات . تتيح طريقة النقد الاعتراف الفوري بالإيرادات والمصروفات، بينما تركز طريقة الاستحقاق على الإيرادات والمصروفات المتوقعة.

المحاسبة الاستحقاقية

المحاسبة الاستحقاقية هي أسلوب يسجِّل الإيرادات عند اكتسابها، أي عند تسليم المنتج أو الخدمة للعميل، مع وجود توقع معقول للدفع. ويتبع هذا النهج مبدأ الاعتراف بالأحداث المالية في الفترة التي تحدث فيها، بغض النظر عن وقت استلام الدفع.

في هذا النظام، لا تعتمد الإيرادات على توقيت المعاملات النقدية ، بل يتم تسجيلها بمجرد اكتمال عملية الكسب ووفاء الشركة بالتزاماتها تجاه العميل. تُعد هذه الطريقة بالغة الأهمية للشركات التي تقدِّم سلعًا أو خدمات بالائتمان أو التي لديها عقود طويلة الأجل، إذ تضمن مطابقة الإيرادات مع الفترة الزمنية التي تحققت فيها فعليًا.

وبالمثل، يتم تسجيل المصروفات عند تكبدها، لا عند دفعها. إذا استلمت شركة سلعًا أو خدمات خلال فترة زمنية محددة، يتم الاعتراف بالمصروفات المرتبطة بها خلال تلك الفترة نفسها، حتى لو لم تسدّد الشركة المبلغ فورًا. ويمكن اعتبار مطابقة المصروفات مع الإيرادات جوهر المحاسبة الاستحقاقية.

المحاسبة على أساس النقد

في المحاسبة النقدية، يتم تسجيل الإيرادات فقط عند استلام النقد فعليًا. يتم تسجيل الإيرادات لدى الشركة لحظة تحصيل الدفعة، بغض النظر عن وقت تسليم المنتج أو الخدمة. يُسهِّل هذا النهج تتبع الإيرادات الواردة للشركة، ولا يُحدِّد أي اختلافات بين مبلغ الإيرادات المُحقَّقة ومبلغ النقد المُستلَم.

ويتم تسجيل المصروفات عند دفعها فقط، وليس عند تكبُّدها. هذا يعني أن الفاتورة لا تظهر في السجلات المالية إلا بعد سدادها. على سبيل المثال، إذا استلمت شركة فاتورة خدمات في يناير ولم تُسدّدها حتى فبراير، فستظهر المصروفات في فبراير.

غالبًا ما يفضّل الكثير هذه الطريقة لبساطتها وسهولة استخدامها، خاصةً لدى الشركات الصغيرة والأفراد الذين يديرون شؤونهم المالية الشخصية. فهي لا تتطلب سوى تتبع بسيط للحسابات المدينة أو الدائنة، وتركّز فقط على المعاملات التي تؤثّر على الرصيد النقدي الفعلي. كما أنها تتبع مبدأ أن الإيرادات لا يتم اكتسابها فعليًا إلا بعد استلام المبلغ النقدي الفعلي من البيع، بغض النظر عن المبلغ المستحق للعميل.

الاختلافات الرئيسية

توقيت الاعتراف بالإيرادات/المصروفات

في المحاسبة النقدية، لا يتم الاعتراف بالإيرادات إلا عند استلام النقد فعليًا. أما المحاسبة الاستحقاقية فتعترف بالإيرادات عند اكتسابها – عادةً عند تسليم منتج أو تقديم خدمة – بغض النظر عن وقت الدفع. وبالمثل يتم تسجيل المصروفات وفقًا للمحاسبة النقدية فقط عند الدفع الفعلي، بينما تسجلها المحاسبة الاستحقاقية عند تكبدها.

التعقيد

المحاسبة على أساس النقد أبسط وأسهل تطبيقًا. فهي لا تتطلب أنظمة محاسبية معقدة أو حفظ سجلات مكثف . أما المحاسبة على أساس الاستحقاق فهي أكثر تعقيدًا، وتتطلب أنظمة أكثر فعالية لتتبع البنود المستحقة للآخرين أو لك.

الالتزام بمبدأ المطابقة

تلتزم المحاسبة الاستحقاقية بمبدأ المطابقة، الذي يتطلب مطابقة النفقات مع الإيرادات التي ساهمت في تحقيقها خلال نفس فترة التقرير. وهذا يعطي وصفًا أدق للأداء المالي. أما المحاسبة النقدية فلا تتبع هذا المبدأ.

استخدام الحسابات الدائنة والحسابات المدينة

تعدّ حسابات القبض والدفع جزءًا لا يتجزأ من المحاسبة الاستحقاقية. تُساعد هذه الحسابات على تتبع مستحقات العملاء والمستحقات للموردين. لا يتم استخدام هذه الحسابات في المحاسبة النقدية، حيث تسجّل المعاملات فقط عند تبادل النقد، وبالتالي لا توجد أي مدفوعات أو مستحقات متأخرة.

الآثار المترتبة على العقود طويلة الأجل

بالنسبة للشركات التي تعمل في مشاريع طويلة الأجل، مثل الإنشاءات أو تطوير البرمجيات ، توفر المحاسبة الاستحقاقية رؤية مالية متفوقة. فهي تتيح لها تسجيل أجزاء من الإيرادات والنفقات المرتبطة بها مع تقدم المشروع. وبدلاً من الانتظار لسنوات حتى يتم تحصيل الإيرادات وفقًا للمحاسبة النقدية، يمكن تسجيل الإيرادات الإضافية على مدار مدة العقد طويل الأجل.

الامتثال التنظيمي

غالبًا ما تلزم الهيئات التنظيمية، مثل مصلحة الضرائب الأمريكية (IRS) أو هيئة الأوراق المالية والبورصات الأمريكية (SEC) للشركات العامة، باستخدام المحاسبة الاستحقاقية للشركات التي تتجاوز حدًا معينًا من حيث الحجم أو الإيرادات. ينبع هذا الشرط من قدرة هذه الطريقة على تقديم صورة مالية أكثر اتساقًا وشفافية. قد يسمح بالمحاسبة النقدية للكيانات الأصغر حجمًا، ولكنها عادةً لا تقبل في القوائم المالية المدققة أو الإقرارات المقدمة بموجب مبادئ المحاسبة المقبولة عمومًا (GAAP) أو المعايير الدولية لإعداد التقارير المالية (IFRS).

الآثار الضريبية

يمكن أن تؤثر طريقة المحاسبة بشكل كبير على الالتزامات الضريبية. ففي ظل المحاسبة النقدية، لا يتم فرض ضريبة على الدخل إلا بعد استلامه، و كذلك لا يتم خصم المصروفات إلا بعد سدادها. وهذا يتيح مرونة في إدارة الدخل الخاضع للضريبة، إذ يمكن نظريًا لأصحاب الأعمال تأجيل إيداع الشيكات لتأجيل تلك الإيرادات إلى الفترة التالية.

الاعتراف بالإيرادات غير المكتسبة

عندما يدفع العملاء مقدمًا ثمن سلع أو خدمات، يتم تسجيل نظام المحاسبة الاستحقاقية هذه الدفعة كإيرادات غير مستحقة – أي التزام – حتى يتم تقديم الخدمة أو تسليم المنتج. أما في نظام المحاسبة النقدية، فتسجل هذه المدفوعات كإيرادات فورًا. في هذه الحالة، لا يأخذ نظام المحاسبة النقدية في الاعتبار أن الشركة لا تزال مُلزمة بالوفاء (أي توفير السلعة أو الخدمة التي دفع العميل ثمنها مقدمًا).

استخدام الاستحقاقات والتأجيلات

تتضمن المحاسبة الاستحقاقية كلاً من الاستحقاقات والتأجيلات لضمان تسجيل الإيرادات والمصروفات في الفترات الزمنية المناسبة. تشمل الاستحقاقات بنودًا مثل الأجور غير المدفوعة أو الفوائد المكتسبة، بينما تشمل التأجيلات المصروفات المدفوعة مسبقًا والدخل غير المكتسب. و يتم استخدام كلا النوعين من القيود لتسجيل الإيرادات والمصروفات قبل حدوث المعاملة النقدية.

استخدام الاستهلاك والإطفاء

في المحاسبة الاستحقاقية، يتم توزيع تكلفة الأصول طويلة الأجل على مدى أعمارها الإنتاجية من خلال الاستهلاك أو الإطفاء. وهذا يُوازن بين النفقات والفترات التي تُنتفع بها الأصول، إذ يتم توزيع تكلفة الأصل الرأسمالي على مدى عمره الإنتاجي عند استخدامه. عادةً ما تغطي المحاسبة النقدية التكلفة الكاملة للأصل عند الشراء. وهذا قد يؤثر سلبًا على الأرباح، إذ قد يتم تحميل الشركة نفقات ضخمة في عام ما، ثم تخفّضها إلى حدّ ضئيل أو معدوم في العام التالي.

اعتبارات خاصة

طريقة الاستحقاق هي الطريقة الأكثر شيوعًا، خاصةً في الشركات المدرجة. أحد أسباب شيوعها هو أنها تسوّي الأرباح بمرور الوقت، إذ تراعي جميع الإيرادات والمصروفات فور توليدها.

تسجل طريقة الأساس النقدي هذه الأمور فقط عندما يتم تغيير النقد من يد إلى أخرى ويمكنها تقديم وجهات نظر متغيرة بشكل متكرر حول الربحية.

على سبيل المثال، وفقًا لطريقة الأساس النقدي، ستحقق شركات التجزئة أرباحًا هائلة في الربع الرابع مع إقبال المستهلكين على الشراء لموسم الأعياد. لكنها ستبدو غير ربحية في الربع الأول من العام التالي مع انخفاض إنفاق المستهلكين بعد موسم الأعياد.

لكلٍّ من الطريقتين مزاياها وعيوبها. فكلٌّ منهما يقدّم رؤيةً مختلفةً حول الوضع المالي للشركة. من المهمّ للمستثمرين فهم تأثير كلتا الطريقتين عند اتخاذ قراراتهم الاستثمارية.

الغالبية العظمى من الشركات التي ربما يستثمر فيها الناس ستستخدم المحاسبة القائمة على الاستحقاق. ومع ذلك إذا صادفت شركة صغيرة تستخدم المحاسبة القائمة على النقد، فهذا أمرٌ جديرٌ بالحذر.

المحاسبة على أساس الاستحقاق مقابل المحاسبة على أساس النقد: مثال

لنفترض أنك تمتلك شركة لبيع الآلات. إذا بعت آلات بقيمة 5000 دولار أمريكي، وفقًا للطريقة النقدية، فلن يتم تسجيل هذا المبلغ في الدفاتر إلا بعد أن يسلمك العميل المبلغ أو تستلم الشيك.

وفقًا لطريقة الاستحقاق، يتم تسجيل مبلغ 5000 دولار كإيرادات اعتبارًا من اليوم الذي تم فيه البيع، على الرغم من أنك قد تتلقى الأموال بعد بضعة أيام أو أسابيع أو حتى أشهر لاحقًا.

ينطبق المبدأ نفسه على المصروفات. إذا استلمت الشركة فاتورة كهرباء بقيمة 1700 دولار أمريكي، فبموجب طريقة الدفع النقدي، لا يُسجل المبلغ إلا بعد سداد الشركة للفاتورة فعليًا. أما في طريقة الاستحقاق، فيُسجل مبلغ 1700 دولار أمريكي كمصروف في يوم استلام الشركة للفاتورة.

خلاصة القول

المحاسبة على أساس الاستحقاق والمحاسبة على أساس النقد طريقتان لتسجيل المعاملات المالية.

تختلفان في توقيت تسجيل المعاملة: المحاسبة على أساس الاستحقاق عند اكتساب المال أو تكبد مصروف، والمحاسبة على أساس النقد عند استلام المال أو دفع مصروف.

المحاسبة على أساس الاستحقاق إلزامية قانونًا؛ ومع ذلك، هناك استثناءات حيث يمكن استخدام المحاسبة على أساس النقد.