ما الذي يسبب تقلب أسعار النفط؟
النفط سلعة ولذلك يميل إلى التقلبات في أسعاره أكثر من الاستثمارات الأكثر استقرارًا، مثل الأسهم والسندات. هناك عدة عوامل مؤثرة على أسعار النفط، سنتناول بعضها أدناه.
النقاط الرئيسية
-
تتأثر أسعار النفط بمجموعة متنوعة من العوامل، وخاصة القرارات المتعلقة بالإنتاج التي يتخذها المنتجون مثل منظمة الدول المصدرة للبترول (أوبك)، والدول النفطية المستقلة مثل روسيا، والشركات الخاصة المنتجة للنفط مثل إكسون موبيل.
-
كما هو الحال مع أي منتج، فإن قوانين العرض والطلب تؤثر على الأسعار.
-
إن الكوارث الطبيعية التي من الممكن أن تؤدي إلى تعطيل الإنتاج، والاضطرابات السياسية في البلدان المنتجة للنفط، كلها عوامل تؤثر على الأسعار.
-
تؤثر تكاليف الإنتاج على الأسعار، إلى جانب قدرة التخزين.
-
ورغم أن تأثير أسعار الفائدة أقل، إلا أنها قد تؤثر أيضاً على أسعار السلع الأساسية.
أوبك تؤثر على الأسعار
أوبك أو منظمة الدول المصدرة للنفط، هي المؤثر الرئيسي في تقلبات أسعار النفط. أوبك هي تحالف يضم اعتبارًا من عام ٢٠٢٤، ١٢ دولة: الجزائر، الكونغو، غينيا الاستوائية، الجابون، إيران، العراق، الكويت، ليبيا، نيجيريا، المملكة العربية السعودية، الإمارات العربية المتحدة، وفنزويلا.
وبحسب إحصائيات عام 2022 تسيطر أوبك على 79.5% من إمدادات العالم من احتياطيات النفط. ويحدد الكونسورتيوم مستويات الإنتاج لتلبية الطلب العالمي، ويمكنه التأثير على أسعار النفط والغاز من خلال زيادة الإنتاج أو خفضه.
قبل عام ٢٠١٤ تعهدت أوبك بالحفاظ على سعر النفط فوق ١٠٠ دولار للبرميل في المستقبل المنظور، ولكن في منتصف ذلك العام، بدأ سعر النفط بالتراجع . انخفض من ذروة تجاوزت ١٠٠ دولار للبرميل إلى أقل من ٥٠ دولارًا للبرميل. وكانت منظمة أوبك هي السبب الرئيسي وراء انخفاض أسعار النفط في تلك الحالة، حيث رفضت خفض إنتاج النفط، مما أدى إلى انهيار الأسعار.
تأثير العرض والطلب
كما هو الحال مع أي سلعة أو سهم أو سند، فإن قوانين العرض والطلب تُغيّر أسعار النفط. فعندما يتجاوز العرض الطلب، تنخفض الأسعار؛ والعكس صحيح أيضًا عندما يتجاوز الطلب العرض.
ويعود الانخفاض الكبير في أسعار النفط في عام 2014 إلى انخفاض الطلب على النفط في أوروبا والصين، إلى جانب الإمدادات الثابتة من النفط من منظمة أوبك. أدى فائض المعروض من النفط إلى انخفاض حاد في أسعاره. كما أن الأزمات المالية، كالركود الكبير عام ٢٠٠٨ ، قد تؤدي أيضًا إلى انخفاض حاد في أسعار الغاز والنفط.
في حين أن العرض و الطلب يؤثران على أسعار النفط، فإن العقود الآجلة للنفط هي التي تُحدد سعره. عقد النفط الآجل هو اتفاقية ملزمة تمنح المشتري الحق في شراء برميل نفط بسعر محدد في المستقبل. وكما هو موضح في العقد، يتعين على المشتري والبائع إتمام الصفقة في تاريخ محدد.
الكوارث الطبيعية
الكوارث الطبيعية عاملٌ آخر قد يُسبب تقلبات أسعار النفط. على سبيل المثال، عندما ضرب إعصار كاترينا جنوب الولايات المتحدة عام ٢٠٠٥، مُؤثرًا على ما يقرب من ٢٠٪ من إمدادات النفط الأمريكية، ارتفع سعر برميل النفط بنحو ١٤ دولارًا. وفي مايو/أيار 2011 أدى فيضان نهر المسيسيبي أيضاً إلى تقلب أسعار النفط .
حقيقة سريعة
تستهلك الولايات المتحدة خمس النفط العالمي.
عدم الاستقرار السياسي
من منظور عالمي يُؤدي عدم الاستقرار السياسي في الشرق الأوسط إلى تقلب أسعار النفط، إذ تشكّل المنطقة الحصة الأكبر من إمدادات النفط العالمية. على سبيل المثال: في يوليو/تموز 2008، وصل سعر برميل النفط إلى 128 دولارًا أمريكيًا بسبب الاضطرابات ومخاوف المستهلكين من الحروب في كلٍّ من أفغانستان والعراق.
تكاليف الإنتاج والتخزين
يمكن أن تؤدي تكاليف الإنتاج إلى ارتفاع أو انخفاض أسعار النفط أيضًا. فبينما يُعد استخراج النفط من الشرق الأوسط رخيصًا نسبيًا، فإن النفط في كندا، في رمال ألبرتا النفطية، أكثر تكلفة. وبمجرد استنفاد إمدادات النفط الرخيص، فمن الممكن أن يرتفع السعر، إذا كان النفط المتبقي الوحيد موجوداً في رمال القطران.
يؤثر الإنتاج الأمريكي أيضًا بشكل مباشر على سعر النفط. فمع فائض المعروض في قطاع النفط، يؤدي انخفاض الإنتاج إلى انخفاض المعروض الإجمالي وارتفاع الأسعار.
في أبريل 2024 بلغ متوسط مستوى الإنتاج اليومي للولايات المتحدة حوالي 13.25 مليون برميل من النفط. و رغم تقلب متوسط الإنتاج، إلا أنه قد يتجه نحو الانخفاض. ونتيجةً لذلك، تُشكّل الانخفاضات الأسبوعية المستمرة ضغطًا تصاعديًا على أسعار النفط.
ازدادت كميات النفط المُحوّلة إلى التخزين بشكل كبير، وشهدت مراكز التخزين الرئيسية امتلاء خزاناتها بسرعة كبيرة. واعتبارًا من أبريل 2024، بلغ حجم مركز التخزين في كوشينج حوالي 34 مليون برميل، وتقدر سعته الإجمالية بحوالي 100 مليون برميل.
تأثير سعر الفائدة
رغم تباين الآراء، إلا أن الواقع يُشير إلى وجود ارتباط وثيق بين تحركات أسعار النفط وأسعار الفائدة . إلا أنهما ليسا مترابطين بشكل وثيق. في الواقع تؤثر عوامل عديدة على اتجاه كلٍّ من أسعار الفائدة وأسعار النفط. أحيانًا تكون هذه العوامل مترابطة، وأحيانًا أخرى تؤثر على بعضها البعض، وأحيانًا أخرى لا يوجد أي رابط أو سبب منطقي لما يحدث.
تنص إحدى النظريات الأساسية على أن ارتفاع أسعار الفائدة يرفع تكاليف المستهلكين والمصنّعين، مما يقلل الوقت والمال الذي ينفقه الناس على القيادة. ويؤدي انخفاض عدد الأشخاص على الطرق إلى انخفاض الطلب على النفط، مما قد يؤدي إلى انخفاض أسعاره. في هذه الحالة، نُطلق على هذا الارتباط العكسي .
وفقًا لهذه النظرية نفسها، عندما تنخفض أسعار الفائدة، يتمكن المستهلكون والشركات من الاقتراض وإنفاق الأموال بحرية أكبر، مما يزيد الطلب على النفط. كلما زاد استهلاك النفط، زاد تنافس المستهلكين على رفع سعره.
تقترح نظرية اقتصادية أخرى أن ارتفاع أسعار الفائدة يُعزز الدولار مقابل عملات الدول الأخرى. فعندما يكون الدولار قويًا، تستطيع شركات النفط الأمريكية شراء المزيد من النفط مقابل كل دولار أمريكي تنفقه، مما يُسهم في نهاية المطاف في نقل هذه الوفورات إلى المستهلكين.
وبالمثل، عندما تنخفض قيمة الدولار مقابل العملات الأجنبية، فإن القوة النسبية للدولار الأمريكي تعني شراء كميات أقل من النفط مقارنةً بالماضي. وهذا، بطبيعة الحال، قد يُسهم في ارتفاع تكلفة النفط على الولايات المتحدة، التي تستهلك 20% من نفط العالم.
خلاصة القول
يتبين لنا في نهاية المطاف أن أسعار النفط تتأثر بمجموعة معقدة من العوامل، بدءًا من قرارات الإنتاج التي تتخذها الدول والشركات، مرورًا بقوانين العرض والطلب، وصولًا إلى الأحداث الجيوسياسية والكوارث الطبيعية.
هذه التقلبات تجعل من الصعب التنبؤ بأسعار النفط بدقة، وتستدعي من المستثمرين والمستهلكين على حد سواء البقاء على اطلاع دائم بالتطورات العالمية التي قد تؤثر على هذا السوق الحيوي.
اقرأ أيضًا ضمن سلسلة “التجارة الإلكترونية والسلع الأساسية”
السلع الأساسية ودورها في سوق الأسهم