ما هي التعريفات الجمركية وكيف تؤثر عليك؟

ما هي التعريفات الجمركية؟

التعريفة الجمركية هي نوع من الضرائب التي تفرضها الدولة على السلع المستوردة عند الحدود.

تاريخيًا كانت الحكومات تستخدم التعريفات الجمركية لجمع إيرادات إضافية. لكنها أيضًا وسيلة للحكومات لمحاولة حماية المنتجين المحليين.

كأداة للحماية تعمل التعريفات الجمركية على زيادة أسعار الواردات. ونتيجة لذلك قد يختار المستهلكون شراء سلع محلية أخرى أقل تكلفة نسبيًا بدلاً من ذلك.

فهم التعريفات الجمركية

في ظل الاقتصاد العالمي الحالي، تتكون العديد من المنتجات المصنعة في بلد المنشأ من أجزاء تم الحصول عليها من بلدان أخرى. أو ربما تم تجميع هذه المنتجات في الخارج. ونتيجة لذلك يمكن أن تؤثر التعريفات الجمركية على أسعار المنتجات المصنعة في بلد المنشأ وكذلك تلك المستوردة من بلدان أخرى.

يزعم العديد من خبراء الاقتصاد أن الرسوم الجمركية تخلق تشوهات في السوق من شأنها أن تلحق الضرر بالمستهلكين المحليين بمرور الوقت. كما قد تؤدي إلى نشوب حرب تجارية إذا فرض الشركاء التجاريون رسوماً جمركية متبادلة.

تتضمن عملية تحديد أسعار التعريفات الجمركية مجموعة من القضايا الاقتصادية والسياسية والاستراتيجية. وتنخرط الحكومات في مفاوضات معقدة واعتبارات تتعلق بالمعاملة بالمثل مع الشركاء التجاريين.

ويمكن أيضًا استخدام التعريفات الجمركية كأداة سياسية لإدارة العلاقات.

كيف تعمل التعرفة الجمركية

تُستخدم التعريفات الجمركية لتقييد الواردات من خلال زيادة أسعار السلع والخدمات المشتراة من دولة أخرى. وهذا يجعلها أقل جاذبية للمستهلكين المحليين. وهناك نوعان من التعريفات الجمركية:

• يتم فرض تعريفة محددة كرسوم ثابتة بناءً على نوع العنصر، مثل تعريفة قدرها 1000 دولار على سيارة.
• يتم فرض تعريفة  قيمة على أساس قيمة العنصر، مثل 10٪ من قيمة السيارة.

أسباب فرض الرسوم الجمركية

قد تفرض الحكومات رسوماً جمركية بهدف زيادة الإيرادات أو حماية الصناعات المحلية ــ وخاصة الناشئة منها ــ من المنافسة الأجنبية. ومن خلال جعل السلع المنتجة في الخارج أكثر تكلفة، قد تعمل الرسوم الجمركية على جعل البدائل المنتجة محلياً أكثر جاذبية.

إن الحكومات التي تستخدم التعريفات الجمركية لصالح صناعات بعينها تفعل ذلك غالباً لحماية الشركات والوظائف. كما يمكن استخدام التعريفات الجمركية كامتداد للسياسة الخارجية: ففرض التعريفات الجمركية على الصادرات الرئيسية لشريك تجاري هو وسيلة لممارسة النفوذ الاقتصادي.

تأثيرات جانبية

يمكن أن يكون للرسوم الجمركية آثار جانبية غير مقصودة:

• ويمكنها أن تجعل الصناعات المحلية أقل كفاءة وابتكارًا من خلال الحد من المنافسة.
• ويمكن أن تضر هذه الإجراءات بالمستهلكين المحليين، لأن الافتقار إلى المنافسة يميل إلى رفع الأسعار.
• كما أنها قد تؤدي إلى توليد التوترات من خلال تفضيل صناعات أو مناطق جغرافية معينة على أخرى.
• عندما يتم استخدام ذلك للضغط على دولة منافسة، يمكن أن تتحول العلاقة إلى حلقة غير منتجة من الانتقام، وهو ما يُعرف أحيانًا بالحرب التجارية.

على سبيل المثال: قد تضر التعريفات الجمركية المصممة لمساعدة المصنعين في المدن بالمستهلكين في المناطق الريفية الذين لا يستفيدون من هذه السياسة ومن المرجح أن يدفعوا المزيد مقابل السلع المصنعة.

من هم الأكثر تأثرًا بالرسوم الجمركية؟

يمكن أن تؤثر التعريفات الجمركية على المستهلكين والشركات والتنمية الاقتصادية للدول:

1. كثيراً ما تخلف التعريفات الجمركية تأثيراً رجعياً، حيث تؤثر بشكل غير متناسب على المستهلكين من ذوي الدخل المنخفض. وبما أن التعريفات الجمركية تؤدي إلى ارتفاع أسعار السلع المستوردة، فإن الأفراد ذوي الإمكانات المالية المحدودة، الذين ينفقون عادة نسبة أعلى من دخلهم على الضروريات الأساسية، قد يتحملون عبئاً أثقل من غيرهم.

2. تواجه الشركات الصغيرة_وخاصة تلك التي تعتمد على المواد المستوردة الخاضعة للرسوم الجمركية_ تحديات كبيرة مثل عواقب ارتفاع التكاليف. وتواجه الشركات الصغيرة قيودًا مختلفة مقارنة بالشركات الأكبر؛ ولا تقتصر هذه القيود على مقدار الأموال التي تجنيها، بل تمتد إلى مدى تأثيرها على السياسات الاقتصادية.

3. إن الرسوم الجمركية المرتفعة قد تعوق اندماج البلدان النامية في الاقتصاد العالمي، وتحد من قدرتها على الوصول إلى الأسواق العالمية، وقد تعوق التنمية الاقتصادية. وقد لا تتمكن هذه البلدان التي تفتقر إلى الموارد من شراء سلع معينة للاستهلاك.

التعريفات الجمركية الأمريكية والتجارة الحرة

في ظل اقتصاد اليوم الذي يميل إلى السوق، اكتسبت التعريفات الجمركية سمعة سيئة إلى حد ما. ويزعم العديد من خبراء الاقتصاد أنها ضارة بالاقتصاد والمستهلكين.

على سبيل المثال: يمكن اعتبار تعريفة سموت-هاولي بمثابة عامل مساعد في تفاقم أزمة الكساد الأعظم في ثلاثينيات القرن العشرين. ففي محاولة لتعزيز الاقتصاد الأميركي خلال أزمة الكساد الأعظم، أقر الكونجرس قانون تعريفة سموت-هاولي، الذي أدى إلى زيادة التعريفات الجمركية على المنتجات الزراعية والسلع المصنعة القادمة إلى الولايات المتحدة.

وفي رد فعل على ذلك عمدت دول أخرى _تعاني هي الأخرى من الركود الاقتصادي_ إلى رفع التعريفات الجمركية على السلع الأميركية، الأمر الذي أدى إلى توقف التجارة العالمية. ونتيجة للتعريفات الجمركية التي فرضت خلال تلك الحقبة قدّر خبراء الاقتصاد أن التجارة العالمية الإجمالية انخفضت بنحو 66% في الفترة من عام 1929 إلى عام 1934.

نهج عدم التدخل في التجارة

ومنذ ذلك الحين ابتعد صناع السياسات من كلا الجانبين عن استخدام الحواجز التجارية، مثل الرسوم الجمركية. وفضلوا سياسات السوق الحرة التي تسمح للدول بالتخصص في صناعات معينة وتحفيز الكفاءة المثلى.

وقد ظل هذا النهج المتساهل إلى حد ما تجاه التجارة الأميركية قائما بعد الحرب العالمية الثانية وحتى انتخاب الرئيس دونالد ترامب في عام 2016.

حديث أكثر صرامة حول شركاء التداول

وكان ترامب واحدا من الرؤساء القلائل الذين تحدثوا علانية عن عدم المساواة في التجارة وتهديد الرسوم الجمركية عندما تعهد باتخاذ موقف صارم ضد شركاء التجارة الدوليين، وخاصة الصين.

وزعم أن هذا من شأنه أن يساعد العمال ذوي الياقات الزرقاء الأميركيين الذين شردهم ما وصفه بممارسات تجارية غير عادلة.

بالإضافة إلى الرسوم الجمركية على الواردات الصينية، فرضت إدارة ترامب أيضًا ضرائب على المنتجات المصنوعة في كندا والمكسيك والاتحاد الأوروبي، من بين دول أخرى.

وقد تراجعت إدارة بايدن عن بعض هذه الرسوم الجمركية في وقت لاحق. ومع ذلك لم يلغ الرئيس بايدن الرسوم الجمركية التي فرضها ترامب على السلع الصينية. بل في الواقع قام بايدن في وقت لاحق من إدارته بزيادتها.

مثال على التعريفات الجمركية

إدارة ترامب الأولى

لقد تزايد الحديث عن الرسوم الجمركية خلال الإدارة الأولى للرئيس ترامب كجزء من سياسته الاقتصادية. والتي كانت تُعرف باسم “أميركا أولاً”. كانت هذه السياسة تتعلق بالحمائية الأميركية ، والتي تعني عادة المزيد من الرسوم الجمركية.

كانت أولى التعريفات الجمركية المفروضة في عام 2018 على الألواح الشمسية والغسالات. وأعلن روبرت لايتهايزر _الممثل التجاري للولايات المتحدة آنذاك_  أنه بعد التشاور مع لجنة السياسة التجارية ولجنة التجارة الدولية الأمريكية، قرر ترامب أن “الواردات الأجنبية المتزايدة من الغسالات والخلايا والوحدات الشمسية تشكل سبباً جوهرياً لإلحاق ضرر جسيم بالمصنعين المحليين”.

وسوف تخضع أول 1.2 مليون غسالة مستوردة لضريبة بنسبة 20%. ثم تخضع بعد ذلك لضريبة بنسبة 50% في العامين التاليين. وسوف تخضع مكونات الألواح الشمسية المستوردة لضريبة بنسبة 30% مع انخفاض المعدل على مدى أربع سنوات.

وبعد فترة وجيزة فرضت إدارة ترامب تعريفات جمركية على واردات الألومنيوم. وبعد ذلك تم فرض تعريفات جمركية بنسبة 25% على جميع واردات الصلب، بالإضافة إلى التعريفات الجمركية البالغة 10% على الألومنيوم في العديد من البلدان.

والأمر الجدير بالملاحظة هنا هو أن العديد من هذه الدول كانت من كبار الشركاء التجاريين والحلفاء للولايات المتحدة، ولم تكن سعيدة بهذه التعريفات الإضافية. وردًا على ذلك أصدر الاتحاد الأوروبي قائمة مكونة من 10 صفحات تتضمن رسومًا جمركية على السلع الأميركية، بدءًا من دراجات هارلي ديفيدسون النارية وحتى الويسكي.

رد فعل الاقتصاديين

وفي استطلاع للرأي أجرته رويترز بين خبراء الاقتصاد، كانت الرسوم الجمركية التي فرضتها إدارة ترامب سيئة للغاية.

ويعتقد ما يقرب من 80% من 60 اقتصاديًا شملهم الاستطلاع أن الرسوم الجمركية على واردات الصلب والألومنيوم من شأنها أن تضر بالفعل بالاقتصاد الأميركي.

أما البقية فقد اعتقدوا أن الرسوم الجمركية لن يكون لها أي تأثير يذكر. وفي المجمل لم يعتقد أي من خبراء الاقتصاد الذين شملهم الاستطلاع أن الرسوم الجمركية سوف تعود بالنفع على الاقتصاد.

النتيجة

فهل نجحت الرسوم الجمركية التي فرضها ترامب في النهاية؟ وفقًا لخبراء الاقتصاد من مختلف مراكز الأبحاث غير الحزبية والحزبية، فإن الإجابة هي لا.

توصلت دراسة أجرتها شبكة CNBC إلى أن الرسوم الجمركية التي فرضها ترامب أضرت بالمستهلكين بشكل كبير وتعادل واحدة من أكبر الزيادات الضريبية في الولايات المتحدة منذ عقود.

ووجد الباحثون أيضًا أن الرسوم الجمركية التي فرضها ترامب أدت إلى خفض الدخل الحقيقي للعمال الأميركيين وخفض نمو الناتج المحلي الإجمالي .

وفي عام 2021 عملت إدارة بايدن على تغيير العديد من هذه الحواجز التجارية الضارة.

الرسوم الجمركية الأمريكية على الصين 

بدا أن المخاوف من اندلاع حرب تجارية شاملة بين الولايات المتحدة قد تأكدت بعد أن فرضت إدارة ترامب الأولى المزيد من الرسوم الجمركية، وهذه المرة على الصين. وجاءت هذه المخاوف بعد أن أصدر مكتب الممثل التجاري للولايات المتحدة نتائج تحقيقه بموجب المادة 301 في ممارسات الصين التجارية.

وقد انتقد التقرير الذي يبلغ عدد صفحاته نحو 200 صفحة استخدام الصين لسياسة صناعية تفضيلية لدعم الشركات الصينية بشكل غير عادل، والتمييز ضد الشركات الأجنبية، وتجاهل الملكية الفكرية.

ردًا على ما وصفه بممارسات التجارة غير العادلة التي تنتهجها الصين، فرض ترامب تعريفات جمركية شاملة على سلع صينية بقيمة 34 مليار دولار. استهدفت التعريفات منتجات التكنولوجيا المصنعة من أجهزة التلفزيون ذات الشاشات المسطحة وأجزاء الطائرات والأجهزة الطبية إلى أجزاء المفاعلات النووية والآلات ذاتية الدفع.

وردت الصين على الفور بفرض رسوم جمركية على المنتجات الزراعية الأميركية مثل لحم الخنزير وفول الصويا والذرة الرفيعة.

لقد استهدفت الرسوم الجمركية الصينية المزارعين الأميركيين والعمليات الصناعية والزراعية الكبرى في الغرب الأوسط – وهي نفس المجموعات السياسية التي صوتت لصالح ترامب في عام 2016، ومن الناحية النظرية كان لها التأثير الأكبر على سياساته.

واستمرت الحرب التجارية بعد ذلك، حيث زادت الدولتان التعريفات الجمركية – وفرضت الولايات المتحدة على وجه الخصوص رسومًا على واردات صينية بقيمة 200 مليار دولار.

وقد ثبت أن هذه التعريفات الجمركية تؤدي إلى خفض العمالة والناتج الاقتصادي. مما يؤثر على الاقتصاد الأمريكي بشكل عام وعلى سبل عيش الناس. كما ألحقت أضراراً جسيمة بالعلاقات مع البلدان الأخرى، وخاصة الحلفاء.

خلاصة القول

الرسوم الجمركية هي ضرائب تُفرض على السلع المستوردة. وغالبًا ما تؤدي إلى ارتفاع الأسعار بالنسبة للمستهلكين. ويمكن أن تؤثر على مختلف الفئات السكانية، وتثقل كاهل المستهلكين من ذوي الدخل المنخفض بشكل خاص. كما أنها تفرض تحديات على الشركات الصغيرة التي تعتمد على المواد المستوردة.

لقد ركزت إدارة ترامب الأولى قدرًا كبيرًا من اهتمامها على فرض الرسوم الجمركية. وبشكل عام، يرى معظم خبراء الاقتصاد أن هذه الرسوم لم يكن لها تأثير يذكر، سواء كان إيجابيًا أو سلبيًا، على الاقتصاد الكلي للولايات المتحدة.