استراتيجيات الاستثمار: من الأسفل إلى الأعلى والعكس
من ضمن استراتيجيات الاستثمار هناك الاستثمار التصاعدي (Bottom-Up Investing) وهو نهج استثماري يركز على تحليل الأسهم الفردية، ويُقلل من أهمية دورات الاقتصاد الكلي والسوق. بمعنى آخر، عادةً ما يركز الاستثمار التصاعدي على أساسيات شركة معينة، مثل الإيرادات أو الأرباح، مقارنةً بالقطاع أو الاقتصاد ككل. يفترض هذا النهج أن الشركات الفردية قادرة على تحقيق أداء جيد حتى في قطاع ضعيف الأداء، على الأقل نسبيًا.
إن الاستثمار من الأسفل إلى الأعلى يفرض على المستثمرين أن يأخذوا في الاعتبار العوامل الاقتصادية الجزئية، بما في ذلك:
على سبيل المثال، قد تشكّل استراتيجية التسويق الفريدة للشركة أو هيكلها التنظيمي مؤشرًا رئيسيًا يدفع المستثمر التصاعدي للاستثمار. وفي المقابل قد تشير المخالفات المحاسبية في البيانات المالية لشركة معينة إلى وجود مشاكل تواجهها الشركة في قطاع صناعي مزدهر.
النقاط الرئيسية
-
الاستثمار من الأسفل إلى الأعلى هو نهج استثماري يركز على تحليل الأسهم الفردية ويقلل من أهمية الدورات الاقتصادية الكلية ودورات السوق.
-
يركز المستثمرون من الأسفل إلى الأعلى على شركة محددة وأساسياتها، في حين يركز المستثمرون من الأعلى إلى الأسفل على الصناعة والاقتصاد.
-
يفترض النهج التصاعدي أن الشركات الفردية قادرة على تحقيق أداء جيد حتى في الصناعات ذات الأداء الضعيف.
كيف يعمل الاستثمار من الأسفل إلى الأعلى
النهج التصاعدي هو عكس الاستثمار التنازلي (Top-Down Investing)، وهو استراتيجية تراعي أولاً العوامل الاقتصادية الكلية عند اتخاذ قرار استثماري.
بدلاً من ذلك ينظر المستثمرون التنازليون إلى الأداء العام للاقتصاد، ثم يبحثون عن القطاعات ذات الأداء الجيد، مستثمرين في أفضل الفرص المتاحة فيها.
وعلى العكس يتطلب اتخاذ قرارات سليمة بناءً على استراتيجية استثمار تصاعدية اختيار شركة ومراجعتها بدقة قبل الاستثمار فيها. تتضمن هذه الاستراتيجية الاطلاع على تقارير الأبحاث العامة للشركة.
وفي أغلب الأحيان لا يتوقف الاستثمار التصاعدي عند مستوى الشركة الفردية، مع أن هذا هو نقطة انطلاق التحليل وإعطاء الأهمية الأكبر.
في نهاية المطاف يتم إدراج مجموعة:
- الصناعة
- والقطاع الاقتصادي
- والسوق
- وعوامل الاقتصاد الكلي في التحليل الشامل. ومع ذلك تبدأ عملية البحث الاستثماري من القاعدة وتمتد إلى أعلى نطاقًا.
عادةً ما يستخدم المستثمرون من أسفل إلى أعلى استراتيجيات طويلة الأجل، قائمة على الشراء والاحتفاظ، وتعتمد بشكل كبير على التحليل الأساسي. ويرجع ذلك إلى أن هذا النهج الاستثماري التصاعدي يمنح المستثمر فهمًا عميقًا للشركة وأسهمها، مما يوفر له نظرة ثاقبة على إمكانات نمو الاستثمار على المدى الطويل.
ومن ناحية أخرى قد يكون المستثمرون من أعلى إلى أسفل أكثر انتهازية في استراتيجيتهم الاستثمارية، وقد يسعون إلى الدخول والخروج من المراكز بسرعة لتحقيق أرباح من تحركات السوق قصيرة الأجل.
يمكن للمستثمرين من القاعدة إلى القمة أن يحققوا نجاحًا باهرًا عندما يستثمرون في شركة يستخدمونها بنشاط ويعرفون عنها جيدًا. شركات مثل ميتا (فيسبوك سابقًا) وجوجل وتيسلا أمثلة ممتازة على هذه الاستراتيجية، إذ تمتلك كل منها منتجًا استهلاكيًا معروفًا يمكن استخدامه يوميًا. يتضمن هذا المنظور فهم قيمة الشركة من منظور أهميتها بالنسبة للمستهلكين في العالم الحقيقي.
مثال على النهج التصاعدي
تُعد شركة ميتا (META) خيارًا جيدًا للنهج التصاعدي، نظرًا لفهم المستثمرين الجيد لمنتجاتها وخدماتها.
● فبمجرد تصنيف شركة مثل ميتا كشركة “جيدة”، يجري المستثمر دراسة معمقة لــِ :
- هيكلها الإداري والتنظيمي
- وقوائمها المالية
- وجهودها التسويقية
- وسعر السهم. ويشمل ذلك حساب النسب المالية للشركة، وتحليل كيفية تغير هذه الأرقام مع مرور الوقت، وتوقع النمو المستقبلي.
● بعد ذلك يتخذ المحلل خطوة للأمام من الشركة الفردية ويقارن البيانات المالية لشركة Meta مع تلك الخاصة بمنافسيها ونظرائها في الصناعة في صناعة وسائل التواصل الاجتماعي والإنترنت.
ويمكن أن يوضح القيام بذلك ما إذا كانت Meta تتميز عن أقرانها أو ما إذا كانت تظهر شذوذًا لا يمتلكه الآخرون.
● الخطوة التالية هي مقارنة Meta مع نطاق أكبر من شركات التكنولوجيا على أساس نسبي.
● بعد ذلك يتم أخذ ظروف السوق العامة في الاعتبار، مثل ما إذا كانت نسبة السعر إلى الربحية لشركة Meta تتماشى مع مؤشر S&P 500، أو ما إذا كان سوق الأسهم في سوق صاعدة بشكل عام.
● وأخيرًا يتم تضمين البيانات الاقتصادية الكلية في عملية صنع القرار، بالنظر إلى اتجاهات البطالة والتضخم وأسعار الفائدة ونمو الناتج المحلي الإجمالي وما إلى ذلك.
بمجرد دمج كل هذه العوامل في قرار المستثمر، بدءًا من الأسفل إلى الأعلى، يمكن بعد ذلك اتخاذ قرار بإجراء صفقة.
الاستثمار من الأسفل إلى الأعلى مقابل الاستثمار من الأعلى إلى الأسفل
كما رأينا يبدأ الاستثمار التصاعدي بالبيانات المالية لكل شركة، ثم يضيف طبقات تحليلية كلية أكثر فأكثر.
على النقيض من ذلك يجري المستثمر التنازلي أولًا دراسةً لمختلف العوامل الاقتصادية الكلية لمعرفة كيفية تأثيرها على السوق ككل، وبالتالي على السهم الذي يرغب في الاستثمار فيه. يحلل الناتج المحلي الإجمالي، وانخفاض أو رفع أسعار الفائدة، والتضخم، وأسعار السلع لمعرفة اتجاه سوق الأسهم. كما يحلل أداء القطاع أو الصناعة ككل.
يعتقد هؤلاء المستثمرون أنه إذا كان أداء القطاع جيدًا، فمن المتوقع أن تحقق الأسهم التي يفحصونها أداءً جيدًا أيضًا وتحقق عوائد. قد ينظر هؤلاء المستثمرون إلى كيفية تأثير العوامل الخارجية، مثل ارتفاع أسعار النفط أو السلع الأساسية أو تغيرات أسعار الفائدة، على قطاعات معينة دون غيرها، وبالتالي على الشركات في هذه القطاعات.
على سبيل المثال: لنفترض أن سعر سلعة كالنفط ارتفع، وأن الشركة التي يفكّرون في الاستثمار فيها تستخدم كميات كبيرة من النفط لإنتاج منتجاتها.
في هذه الحالة سيفكّر المستثمر في مدى تأثير ارتفاع أسعار النفط على أرباح الشركة. لذا يبدأ نهجهم بنظرة شاملة، مركّزين على:
- الاقتصاد الكلي
- ثم على القطاع
- ثم على الأسهم نفسها.
قد يختار المستثمرون من أعلى إلى أسفل أيضًا الاستثمار في دولة أو منطقة واحدة إذا كان اقتصادها جيدًا. على سبيل المثال: إذا كانت الأسهم الأوروبية متعثرة، فسيبتعد المستثمر عن أوروبا، وقد يستثمر بدلًا من ذلك في الأسهم الآسيوية إذا كانت تلك المنطقة تظهِر نموًا سريعًا.
باختصار بينما يغوص المستثمرون من القاعدة إلى القمة في أساسيات الشركة الفردية، يرتكز المستثمرون من القمة إلى القاعدة على الظروف الاقتصادية والسوقية الأوسع عند بناء محافظهم.
خلاصة القول
فهم استراتيجيات الاستثمار من الأسفل إلى الأعلى ومن الأعلى إلى الأسفل يُعد أمرًا جوهريًا لأي مستثمر يسعى لاتخاذ قرارات مستنيرة.
فبينما يركز النهج التصاعدي على الميزات الأساسية للشركات الفردية، مما يتيح فهماً عميقاً لقيمتها الحقيقية، ينطلق النهج التنازلي من تحليل الظروف الاقتصادية الكلية والصناعات لتحديد فرص الاستثمار.
فكلتا الاستراتيجيتين لهما نقاط قوة وضعف، واختيار الأنسب يعتمد على أهداف المستثمر وظروف السوق.
استخدام نهج متوازن يجمع بين التحليل الجزئي والكلي يمكن أن يوفر رؤية شاملة ويساعد في بناء محفظة استثمارية قوية تتكيف مع مختلف البيئات الاقتصادية.
اقرأ أيضًا ضمن سلسلة”كيفية تقييم الشركة/أدوات وطرق التحليل الأساسي”
كيفية اختيار أفضل طريقة لتقييم الأسهم
استراتيجيات الاستثمار: من الأسفل إلى الأعلى والعكس
تحليل النسب المالية: دليلك الشامل للتقييم المالي
القيمة الدفترية: ما يجب أن يعرفه المستثمرون عنها
قيمة التصفية: ملاذ المستثمر الأخير في وجه الإفلاس